حين نتحدث عن الأسماء التي صنعت تاريخ كرة القدم المغربية، لا يمكن أن نغفل اسم أحمد باموس، اللاعب الذي ظل حاضرًا في وجدان الجماهير الرياضية كأحد رموز الجيل الذهبي. فقد جسّد باموس المعنى الحقيقي للاعب المتكامل: موهبة عالية والتزام صارم وغيرة وطنية نادرة. واليوم، وبعد سنوات من رحيله، ما يزال اسمه يتردد كلما استُعيدت المحطات المشرقة للكرة الوطنية.
البدايات
وُلد أحمد باموس بمدينة الرباط سنة 1942، في فترة كانت فيها كرة القدم المغربية تعيش بداياتها بعد الاستقلال، حيث برزت موهبته الكروية مبكرًا في ملاعب الأحياء الشعبية قبل أن ينضم إلى فريق الاتحاد الرباطي حيث لفت الأنظار بمهاراته في خط الوسط ، ومنه شدّ الرحال نحو فريق الجيش الملكي الذي سيصبح من أعمدته وسيبني معه مسيرة حافلة بالألقاب والإنجازات.
المنتخب الوطني
حجز أحمد باموس مكانه المستحق في صفوف المنتخب المغربي خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وكان حضوره بارزًا في كأس إفريقيا للأمم وفي تصفيات المونديال، إلى أن جاء الحدث الأبرز: مشاركة المغرب في كأس العالم 1970 بالمكسيك. وكان من بين الأسماء التي شاركت في كأس العالم 1970 بالمكسيك، حين دخل المنتخب المغربي التاريخ كأول فريق عربي وإفريقي يسجل هدفًا في المونديال عبر خالد لبيض أمام ألمانيا الغربية. في تلك الحقبة، تميز أداء أحمد باموس وسط الميدان بالروح القتالية والانضباط التكتيكي.
بصمة لاعب استثنائي
لم يكن أحمد باموس لاعبًا عاديًا. فقد جمع بين القوة البدنية والرؤية التكتيكية، وبين الصلابة الدفاعية والقدرة على المساندة الهجومية. وصفه الكثيرون بـ”العقل المدبر” داخل الملعب، لأنه كان يتحكم في إيقاع اللعب ويوجه زملاءه بذكاء.
كما عُرف بتواضعه وانضباطه واحترامه خارج الملعب، ما أكسبه حب الجمهور المغربي وثقة المدربين والمسؤولين.
ما بعد الاعتزال
بعد أن وضع حدًا لمسيرته الكروية، لم يغادر أحمد باموس عالم المستديرة. فقد تولى مهاما إدارية مهمة داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حيث ساهم في تسيير الشأن الكروي لسنوات. تميزت فترته بروح المسؤولية والدفاع عن مصالح الكرة الوطنية في المحافل الدولية.
لقد كان صوته مسموعًا، ورأيه يحظى بالاحترام، بفضل رصيده كلاعب دولي سابق يعرف خبايا اللعبة من الداخل.
ذاكرة لا تموت
توفي أحمد باموس في سنة 2013 ، تاركًا خلفه إرثًا رياضيًا وتاريخيًا سيخلد في ذاكرة المغاربة. فاسمه سيبقى مقرونًا بجيل صنع أمجاد الكرة الوطنية، وأدائه سيظل مادة للتأمل والدراسة بالنسبة للباحثين والمهتمين بتاريخ كرة القدم المغربية.
لقد جسّد أحمد باموس صورة اللاعب المثالي من حيث الموهبة والالتزام والوطنية الصادقة، وهو ما جعله قدوة للأجيال الصاعدة.
يبقى أحمد باموس أكثر من مجرد لاعب كرة قدم؛ إنه رمز من رموز الرياضة المغربية، وواحد من أعمدتها التي ساهمت في بناء صرح الكرة المغربية.
الحديث عن أحمد باموس هو استحضار لقيم الوفاء والتضحية والروح الرياضية، وهي قيم يحتاجها الجيل الحالي كما احتاجها جيل الأمس.