عزيز بودربالة أسطورة مغربية صنعت المجد في كرة القدم الإفريقية


الحلقة الرابعة: عزيز بودربالة

يُعدّ عزيز بودربالة واحدًا من أبرز الأسماء التي طبعت تاريخ كرة القدم المغربية والإفريقية خلال ثمانينيات القرن الماضي. فقد جمع بين المهارة الفنية العالية، والسرعة، والقدرة على صناعة الفارق في أصعب اللحظات، ليصبح رمزًا من رموز “أسود الأطلس” ووجهاً كروياً يحظى باحترام جماهيري واسع حتى اليوم.

موهبة خرجت من قلب الدار البيضاء

وُلِد بودربالة سنة 1960 بمدينة الدار البيضاء، وبدأ مسيرته الرياضية مع نادي الوداد البيضاوي، النادي الذي سطع اسمه من خلاله في سماء الكرة المغربية. لاعب جناح بذكاء صانع ألعاب، سريع بخفة فنان، قادر على تحويل أي هجمة إلى فرصة خطيرة بموهبته اللافتة وقدرته على المراوغة وصنع اللعب، جذب أنظار الأندية الأوروبية في وقت كان الاحتراف الخارجي للاعبين المغاربة محدودًا، جعلته ينتقل إلى أوروبا مبكرًا، في تجربة اعتُبرت حينها “قفزة جريئة” للاعب مغربي شاب.

تألق في أوروبا… واعتراف دولي

ارتدى بودربالة قميص أولمبيك ليون وكان أحد أبرز عناصر الفريق. الصحافة الفرنسية لم تُخف إعجابها بقدرته على صناعة اللعب، معتبرة أنه “لاعب يلمس الكرة وكأنه يعرف مسبقًا ماذا سيفعل بها”. تجربته الاحترافية لم تكن مجرد محطة، بل كانت إعلانًا عن لاعبٍ قادر على منافسة نجوم القارة الأوروبية.

مونديال 1986… اللحظة التي صنعت أسطورة

في المكسيك، قدّم بودربالة واحدًا من أفضل عروضه بقميص المنتخب الوطني المغربي. كان جزءًا من الجيل الذي كتب التاريخ بتأهّل المغرب إلى الدور الثاني لكأس العالم لأول مرة في تاريخ الكرة العربية والإفريقية. تمريراته، تحركاته، وروحه القتالية جعلته من أبرز نجوم البطولة. وبالموازاة، أصبح رمزًا لجيل ألهم آلاف الشباب في المغرب وخارجه.

شخصية تجيد اللعب داخل وخارج الملعب

لم يكن بودربالة مجرد لاعب موهوب. كان نموذجًا للاحتراف والانضباط، ووجهًا محببًا لدى الجماهير. حتى بعد الاعتزال، ظل قريبًا من المشهد الرياضي، يشارك بآرائه وتحليلاته ويساهم في المبادرات الهادفة لتطوير الكرة المغربية.

إرث مستمر رغم اعتزال السنين

اليوم، بعد عقود من مسيرته، لا يزال اسم عزيز بودربالة حاضرًا بقوة. ليس فقط في ذاكرة الجماهير، بل في طريقة نظر المغاربة إلى كرة القدم، وإلى إمكانية أن يكون اللاعب المحلي نجمًا عالميًا. هو لاعبٌ لم تنساه الجماهير، لأن أثره لم يكن في الأهداف فقط… بل في الروح أيضا.

يبقى عزيز بودربالة جزءًا من تاريخ كرة القدم المغربية، كمهارة فردية برزت في حقبة معيّنة، وكرمز لاحترافية الجيل الذهبي وواحد من اللاعبين الذين رفعوا اسم المغرب عاليًا على الساحة العالمية.

تحرير محسن العلمي